وأمّا الآية الرابعة وهي قوله تعالى: ﴿... إنّ الله يغفر الذنوب جميعاً...﴾فالسبب لاختياري بدء الحديث بذكرها ما فيها من العموم الواضح الدال على غفران جميع الذنوب بلا استثناء، وبما فيها أشدّ الذنوب، وهو: الشرك، أمّا ما تراه من استثناء الشرك في قوله تعالى: ﴿ان الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء...﴾(1). فذلك ناظر إلى المغفرة من دون توبة، في حين أن قوله تعالى: ﴿ان الله يغفر الذنوب جميعاً...﴾ ناظر إلى المغفرة على أثر التوبة. والشاهد الداخلي على ذلك من نفس الآية قوله تعالى بعدها مباشرة: ﴿وأنيبوا إلى ربّكم وأسلموا من قبل أن يأتيكم العذاب ثم لا تنصرون﴾.
أمّا الأمور التي نريد أن نبحثها في مسألة التوبة فهي:
الأوّل ـ ضرورة التوبة.
الثاني ـ مقدِّمة التوبة.
الثالث ـ أركان التوبة وشرائطها.
الرابع ـ التوبة النصوح.
الأمر الأول ـ ضرورة التوبة:
إنّ ضرورة التوبة تنبع من ضرورة الإيمان، وفلسفتها نفس فلسفة الإيمان والطاعة.