إذن فتجب المبادرة إلى تهذيب الروح وتزكية النفس من أوّل سني البلوغ وأوّل حالة الشباب. وقد ورد عن الصادق (عليه السلام) في تفسير قوله تعالى: « ﴿... أوَلَم نعمّركم ما يتذكّر فيه من تذكّر...﴾(1) أنّه توبيخ لابن ثماني عشر سنة»(2). ولئن استطاع أحد أن يربّي نفسه قبل سني البلوغ كي لا تزل به قدمه بعد البلوغ ويكون ملتزماً بتكاليفه من أوّل البلوغ، لكان ذلك خيراً.
وعلى أيّة حال، فمن لم يتوفّق للتزكية مبكّراً فالمفروض به أن يبادر إلى ذلك في أقرب وقت من أوقات عمره مهما فرض فوات الفرصة؛ لأنّه بقدر ما يؤخّر العمل بهذا الصدد ستزداد الصعوبات أمام نفسه أكثر فأكثر وتضيق الفرصة أكثر من ذي قبل. وقد ورد في الحديث عن الصادق (عليه السلام): انّه «مكتوب في التوراة نُحنا لكم فلم تبكوا، وشوّقناكم فلم تشتاقوا... أبناء الأربعين أُوفوا للحساب، أبناء الخمسين زرع قد دنا حصاده، أبناء الستين ماذا قدّمتم وماذا أخّرتم، أبناء السبعين عدّوا أنفسكم في الموتى...»(3) ولنعم ما قيل:
ولنعم ما قيل:
من أين نبدأ؟
كنت أتمنّى أن يكون بدء عملنا من ما فوق الصفر؛ لأنّه قد مضى من عمرنا عدد من السنين إن قليلاً أوكثيراً، فالمفروض أنّنا قد طوينا مساحة من الطريق، فليست بداية عملنا الآن من الصفر.