أوّلاً: أنّ الروايات الشفهيّة يصعب عادة إضافتها إلى سند موحّد فينصرف إطلاق كلام الشيخ عنها.
وثانياً: أنّ التتبّع في فهرست الشيخ يؤدّي بنا إلى هذه النتيجة؛ إذ ترى أنّ عطف الروايات على الكتب لم يرد في فهرست الشيخ إلا بالنسبة للرواة المتأخّرين الذين يعتبرون مشايخ إجازة للكتب، من قبيل أحمد بن محمّد بن عيسى ومن في طبقته ومن يقع في الطبقات التي تأتي بعد تلك الطبقة، أمّا بالنسبة لطبقات المتقدّمين كزرارة وأضرابه ممّن كانوا رواة ولم يكونوا مشايخ إجازة للكتب فهو لا يذكر سنداً موحّداً إلا إلى كتبه لا إلى رواياته، وهذا يؤدّي إلى انصراف تعبير الشيخ بكلمة «رواياته» إلى روايات الكتب.وحلّ الإشكال في المقام عندئذٍ ينحصر بأن يُقال: إنّ من المطمأنّ به أنّ عهد الإمام إلى مالك الأشتر لطوله وسعته لا يكون وصوله إلى الشيخ بالمشافعة، وإنّما وصل إليه ضمن الكتب التي وصلت إليه، فيكون مشمولاً للسندين اللذين عرفتهما.
الجهة الثانية: بيان المراد بالمتاع الذي يحرم احتكاره
فهل نأخذ بإطلاق ما مضى من عهد الإمام (عليه السلام) إلى مالك الأشتر حيث ورد فيه: «فامنع من الاحتكار؛ فإنّ رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم) منع منه» أو إنّ هذا منصرف إلى احتكار الطعام خصوصاً أنّ الوارد في عدد من الروايات اسم الطعام من قبيل ما مضى
في صحيحة سالم الحنّاط: «إنّما كان رجل من قريش يقال له حكيم بن حزام، وكان إذا دخل الطعام المدينة اشتراه كلّه، فمرّ عليه النبيّ (صلى الله عليه و آله و سلم) فقال: يا حكيم بن حزام إيّاك أن تحتكر»(1).
وصحيحة الحلبيّ عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال: سُئل عن الحكرة؟ فقال: «إنّما الحكرة أن تشتري طعاماً وليس في المصر غيره فتحتكره، فإن كان في المصر طعام غيره فلا بأس أن تلتمس بسلعتك الفضل»(2).
ورواه الكلينيّ في الكافي أيضاً بسند تامّ عن الحلبيّ نحوه مع زيادة: قال: «وسألته عن الزيت فقال: «إذا كان عند غيرك فلا بأس بإمساكه»»(3).
وصحيحة الحلبيّ عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال: سألته عن الرجل يحتكر الطعام ويتربّص به، هل يصلح ذلك؟ قال: «إن كان الطعام كثيراً يسع الناس فلا بأس به، وإن كان الطعام قليلاً لا يسع الناس فإنّه يكره أن يحتكر الطعام ويترك الناس ليس لهم طعام»»(4).
وصحيحة غياث بن إبراهيم(5)عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال: «ليس الحكرة إلا في الحنطة والشعير والتمر والزبيب والسمن».
وفي نقل الصدوق (رحمه الله) أضاف: «والزيت»(6).