بيانات

بيان (92) بيان سماحة آية الله العظمى السيّد كاظم الحسينيّ الحائريّ (دام ظلّه الوارف) بمناسبة الانتصار على دويلة (داعش)


بسم الله الرحمن الرحيم

قال عزّ مِن قائل: ﴿الذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ * لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ لا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * وَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّ الْعِزَّةَ لِلهِ جَمِيعاً هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيم﴾. يونس: 63-65.

يا أبنائي في القوّات المسلّحة العراقيّة من الحشد الشعبيّ المقدّس والجيش والشرطة الاتّحاديّة المناضلين.. بوركتم ببشرى ربّكم وبوعده الصادق الذي قطعه على نفسه في فوزكم العظيم.. لقد سرّت انتصاراتُكم العظيمة قلبَ أبيكم الذي ما فتئ يحمل همّكم ومعاناتكم وأنتم تخوضون طريق ذات الشوكة، فلله درّكم وعليه أجركم...

لقد كنتم في هذا المخاض الصعب رجالاً صدقوا ما عاهدوا الله عليه في تضحياتكم وذبّكم عن الدين والشعب، حتّى رأينا في جماعتكم ما قاله أمير المؤمنين(علیه السلام) في الرعيل الأوّل من المسلمين: «لَقَد كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ(صلی الله علیه و آله).. لا نَزْدَادُ عَلَى كُلِّ مُصِيبَةٍ وَشِدَّةٍ إِلا إِيمَاناً وَمُضِيّاً عَلَى الحَقِّ وَتَسْلِيماً لِلْأَمْرِ وَصَبْراً عَلَى مَضَضِ الجِرَاح».

ولا ينبغي أن نغفل عن أنّ الفضل كلّ الفضل في هذا الانتصار الكبير لشهدائنا الأبرار الذين ضربوا المثل الأعلى في الثبات والتضحية، وتقدّست أرض الرافدين بدمائهم الطاهرة الزكيّة.

أيّها الصابرون المرابطون من أبنائي الغيارى في المقاومة المباركة.. اعلموا أنّ مؤامرة الاستكبار العالميّ في إدراج اسم حركة النجباء النقباء من قبل الكونكرس الأمريكيّ في قائمة العقوبات ضدّ الجهات الموصوفة بالإرهابيّة عندهم مدان عندنا بأشدّ أشكال الإدانة، بل هو دليل فزع العدوّ من بطولاتكم في درء مخطّطاته، وإسقاط دويلة (داعش) التي بنى عليها آمالاً طويلة ورجاءً عظيماً، فلا يزيدنّ ذلك شبابنا في الحركة المباركة إلا عزّاً وفخراً،﴿وَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّ الْعِزَّةَ لِلهِ جَمِيعاً﴾ لا لسكارى الكونكرس وسفهائه وهم اليوم أوهن حيلة وأضعف سبباً، والله تعالى قد أخبرنا في كتابه الكريم عن تجربة سابقة لمستكبري قريش: ﴿يَقُولُونَ لَئن رَّجَعْنَا إِلى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنهَا الأَذَلَّ وَللهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لا يَعْلَمُون﴾. المنافقون: 8.

هذا.. وليعلم المسؤولون وأصحاب القرار في الحكومة:

أوّلاً: أنّ الذي سقط ببركة تضحيات شهدائنا ومجاهدينا هو حكومة التكفير الفاسدة، أمّا شرور التكفيريّين والعملاء وخطرهم على أمن البلاد وشعبه فما زال قائماً لا ينبغي التغافل عنه، بل لابدّ من المحافظة على الاستعدادات العسكريّة والأمنيّة الكافية تجاه مخاطر هذا الوجود التكفيريّ الخبيث الذي له خلايا نائمة وخفايا يتحصّن بها.. فليس من الحكمة بمكان أن يُصار إلی الاستغناء عن بعض الفصائل الشعبيّة المقاومة بحجّة انتهاء المعركة مع (داعش)، فإنّ المعركة اليوم مع هذا العدوّ لا تقلّ خطورة عن المعركة معه بالأمس.. فتبقى قوّات الحشد الشعبيّ المبارك بجمیع فصائله الحصن الحصين والسور الأمين إلى جانب قوّاتنا المسلّحة والأمنيّة في حفظ أمن البلاد ومصالح شعبه في يومه وغده.

وثانياً: على رجال الدولة توفير كافّة المستلزمات الحياتيّة المطلوبة والعيش الكريم لأبناء شعبنا كافّة ولا سيّما أبناؤنا في المناطق المحرّرة وإرجاع المهاجرين منهم معزّزين مكرّمين إلی مناطقهم، وإعمار ما دمّره (داعش) من بلدهم ومحلّ سكناهم.

وثالثاً: على الحكومة أن تغتنم فرصة ما بعد مرحلة (داعش) للتصدّي بقوّة وشجاعة للفساد على مستويين:

الأوّل منهما: الفساد على مستوى المسؤولين الفاسدين بإبعادهم عن مناصبهم وقطع الأيادي الخائنة التي سبّبت عرقلة بناء البنى الحياتية للبلد، وفقدان الثقة بالحكومة.

والثاني منهما: الفساد الناشئ من التواجد المشؤوم للقوّات الأجنبيّة في البلاد، التي أثبتت التجربة عياناً أنّها جاءت للإفساد في البلاد وتمشية مخطّط (داعش) وتأييده.. بل لا تفتأ تفكّر في مؤامرة تلو مؤامرة، فعلى الحكومة اتّخاذ الإجراءات اللازمة والصريحة بإخراجهم من البلد فوراً.

﴿رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّاراً * إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلا يَلِدُوا إِلا فَاجِراً كَفَّاراً * رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِناً وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَبَاراً﴾. نوح: 26-28.

6 / ربیع الأوّل / 1439 ﻫ

كاظم الحسينيّ الحائريّ