بسم الله الرحمن الرحيم
قال أمير المؤمنين (عليه السلام): «أسَفاً يَعتَريني، وَحُزناً يُخامِرُني أن يَليَ أمرَ هذِهِ الاُمّةِ سُفُهاؤُها وَفُجّارُها، فَيَتَّخِذوا مالَ اللّهِ دُوَلاً، وَعِبادَهُ خَوَلاً، وَالصالِحينَ حَرباً، وَالفاسِقينَ حِزباً». شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد، 6: 100.
بلغني والأسف يعتريني والحزن يخامرني ما قرّرته محكمة سفيه البحرين وفاجرها بحقّ عالم الدين الصابر المحتسب سماحة آية اللّه الشيخ عيسى أحمد قاسم (حفظه اللّه) ورفيقيه المحترمين... ونحن إذ نرى أنّ هذا الحكم الجائر حكم سياسيّ مضادّ للحرّيّات الدينيّة والعمل المشروع الذي مارسه علماء المسلمين من الفريقين منذ مئات السنين، ومصداق بارز لما أسف عليه أمير المؤمنين (عليه السلام) من (اتّخاذِ الصالحينَ حَرباً)... ندينه ونستنكره بشدّة كما تدينه وتشجبه أحكام الفقه وفتاوى طوائف المسلمين على مختلف مذاقاتهم الفقهيّة.
هذا، في الوقت الذي يقدّم فيه طغاة الخليج -وعلى رأسهم آل سعود- مئات المليارات من أموال المسلمين رشوة للرئيس الأمريكي -الذي لا يرى للمسلمين كرامة- دعماً لاقتصاد بلده وجلباً لحمايته، ممّا هو الجدير بمحاكمة مرتكبيه ومعاقبة فاعليه.. كيف، وأنّه مِن (اتّخاذِ الفاسِقينَ حِزباً) ومِن إعانة الكافر على المسلم والركون إليه وتقويته، وهو من الكبائر عند فقهاء المسملين، وهو ما صرّح بإنكاره الكتاب الكريم أيضاً: ﴿تَرَى كَثِيراً مِّنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنفُسُهُمْ أَن سَخِطَ اللّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ * وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ والنَّبِيِّ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ وَلَكِنَّ كَثِيراً مِّنْهُمْ فَاسِقُون﴾. المائدة: 80-81.
هذا، ونبارك لشعبنا المقاوم الشجاع في البحرين دفاعه عن سماحة الشيخ عيسى أحمد، وحمايته له، وتضحيته من أجله، وأملنا في هذا الشعب الأبيّ الكريم أن يديم هذه الحماية ويستمرّ في دفاعه المقدّس مهما كلّفه ذلك، فإنّه بعين اللّه، وإنّها المصابرة والمرابطة المأمورون بهما في الظرف الراهن.
أبناءنا في البحرين: ﴿اسْتَعِينُوا بِاللّهِ وَاصْبِرُواْ إِنَّ الأَرْضَ لِلّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِين﴾. الأعراف: 128.
ولا حول ولا قوّة إلّا باللّه العليّ العظيم.
25 / شعبان / 1438 ﻫ
كاظم الحسينيّ الحائريّ