بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ربّ العالمين، وصلّى الله على نبيّنا محمّد وآله الطيّبين الطاهرين.
قال الله تعالى: ﴿وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الاْرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ﴾.
صدق الله العليّ العظيم
السلام على أبنائنا الكرام في العراق الجريح و رحمة الله وبركاته
أمّا بعد:
فإنّا مقبلون على أعظم مناسبة في عصرنا، ألا وهي ذكرى الولادة الميمونة لمنقذ البشريّة وهاديها قائم آل محمّد ـ عجلّ الله فرجه ـ ولا تُدانيها مناسبة بالفضل وتفوق عليها إلّا مناسبة ظهوره والفرج للاُمّة على يديه: (اللّهُمّ أرنا الطلعة الرشيدة والغُرَّة الحميدة واكحل نواظرنا بنظرة منّا إليه ...).
أبناءَنا الأبرار: إنّ كلّ القرائن وبعض العلامات تشهد على أ نّنا نعيش ارهاصات ما قبل الظهور الذي نسأل الله تعالى أن لا تطول، لكنّ الأهمّ في الأمر هو: هل إنّنا كاُمّة نؤدّي أدوارنا بكامل المسؤوليّة حتّى نوطّئ للمهديّ ـ عجلّ الله فرجه ـ سلطانه؟ لأنّ المنتَظِر الواقعي هو الذي لم يدّخِر جهداً، ولم يغفل آناً عن العمل الدؤوب في هذا السبيل...
ومن هذا الباب وللتذكير أقول: لا يستقيم ادّعاءُ أحد أنّه يأتمّ بالمهديّ(عليه السلام) ولا يحرِّك ساكناً في سبيله، فلا بُدَّ من أن نبني مجتمعاً صالحاً قوامه التوحيد، وشعاره القسط والعدل، وولاؤه مطلقٌ لمحمّد وآله(صلى الله عليه وآله)، وهذا الهدف لا يتحقّق إلّا بالتمسّك باُمور:
1 ـ أن يتمسّك المسلم بظاهر شريعة الإسلام، ولا يتعدّاها إلى خرافات المحرّفين، ولا إلى وساوس الشياطين الذين يدعون السلوك إلى الله تبارك وتعالى وهم من ألدِّ أعدائه، ودليلنا على ذلك أ نّهم يطبّقون المهديّ ـ أرواحنا لتراب مقدمه الفداء ـ على بعض الأشخاص، وهم بذلك لا يزدادون عن الحقّ إلّا بُعداً، إنّ هؤلاء شرذمة شاذّة لعنهم الشهيد الصدر(قدس سره) من قبل، فعلى الجاهل منهم الاستيقاظ والعودة إلى الحقّ، وعلى المتمرّدين لعنة الله وملائكته وأنبيائه والناس أجمعين ... وعليكم مقاطعتهم ونبذهم وإخراجهم من بين صفوفكم ...
2 ـ الالتزام التامّ بتعاليم الشريعة السمحة وأن تحفظ حُرمات الله تعالى وحدوده، خصوصاً ونحن مقبلون على الزيارة الشعبانيّة، فليكن الانضباط بضوابط الإسلام أهمّ ميزة تميِّزُنا إن شاء الله تعالى.
3 ـ لا يترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بأيّ حال من الأحوال، وإن كنّا بحاجة إليه فيما مضى فنحن اليوم أحوج; لما نعاني من الهجوم الكاسح على الإسلام العزيز وتعاليمه، فلا تغفلوا يرحمكم الله، فإنّ الإمام الباقر(عليه السلام) يقول: «الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فريضة بها تُقام الفرائض».
فعلى المتديّنين من الساسة المبادرة إلى جمع كلمتهم ورصّ صفّهم والإسراع في انتخاب من تتوفّر فيه الكفاءة والقدرة على إدارة دفّة الاُمور، ليكون رئيساً للوزراء، ولا يتجاهلوا رغبة الناخبين ورأيهم، فإنّه أمانة في أعناقهم ...
إنّ ما يجري من مناكفات فيما بين السياسيّين منكرٌ من القول وزورٌ، وسيحاسبون على كلّ صغيرة وكبيرة يوم تُبلى السرائر، والاُمّة المظلومة المضطهدة التي لا حظّ لها من العيش الرغيد إلّا الأمل ستكون للعابثين بكرامتها بالمرصاد، فلا تدعونا نرفع الحظر عنها، ويومئذ لا ينفع الندم ...
عودوا إلى رشدكم، وانظروا إلى المسؤوليّات الجسيمة التي تنتظركم، واتركوا المكر والكيد، فإنّ ذلك يضعفكم جميعاً، ويطمع بكم حتّى أراذل الناس «اللّهمّ اشهد أنّي قد بلّغت ».
أقول عوداً على بدء: إنّ الأمل بأُمّتنا كبير ويكبر; لما نشاهد من وعي ورشد يتدفّقان في عروق هذه الاُمّة وجذورها، واليأس حرامٌ عندنا، ولا محيص عن العمل; فإنّ الإمام المفروض الطاعة حاضرٌ ناظرٌ يرى ويسمع، وما على المؤمن إلّا الوفاء والصدق.
«اللّهمّ إنّا نرغب إليك في دولة كريمة تعُزّ بها الإسلام وأهله، وتُذلّ بها النفاق وأهله، وتجعلنا فيها من الدعاة إلى طاعتك والقادة إلى سبيلك ...».
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
12 / شعبان المعظّم / 1431 هـ . ق
كاظم الحسينيّ الحائريّ