والثانية ـ ما رُوِيَ عن حبّة العرني: قال: «بينا أنا ونوف نائمين في رحبة القصر إذ نحن بأمير المؤمنين (عليه السلام) في بقيّة من الليل واضعاً يده على الحائط شبيه الواله وهو يقول: ﴿إن في خلق السموات الأرض...﴾ قال: ثُمّ جعل يقرأ هذه الآيات، ويمرّ شبه الطائر عقله، فقال لي: أراقد أنت ياحبّة أم رامق؟ قال: قلت: رامق، هذا أنت تعمل هذا العمل فكيف نحن؟ فأرخى عينيه فبكى، ثُمّ قال لي: ياحبّة إنّ لله موقفاً، ولنا بين يديه موقفاً لا يخفى عليه شيء من أعمالنا، يا حبّة إنّ الله أقرب إليّ وإليك من حبل الوريد، يا حبّة إنّه لن يحجبني ولا إيّاك عن الله شيء. قال: ثُمّ قال: أراقد أنت يا نوف؟ قال: قال: لا يا أمير المؤمنين ما أنا براقد، ولقد أطلت بكائي هذه الليلة، فقال: يا نوف إن طال بكاؤك في هذا الليل مخافة من الله تعالى قرّت عيناك غداً بين يدي الله عزّ وجلّ...»(1).
الاعتصام والفرار
قال الله تعالى: ﴿وكيف تكفرون وأنتم تتلى عليكم آيات الله وفيكم رسوله ومن يعتصم بالله فقد هدي إلى صراط مستقيم. يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتُنّ إلا وأنتم مسلمون. واعتصموا بحبل الله جميعاً ولاتفرّقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداءً فألّف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها كذلك يبيّن الله لكم آياته لعلكم تهتدون﴾(2).
وقال عزّ وجلّ: ﴿إلّا الذين تابوا وأصلحوا واعتصموا بالله وأخلصوا دينهم لله فأولئك مع المؤمنين﴾(3).
وقال عزّ من قائل: ﴿واعتصموا بالله هو مولاكم فنعم المولى ونعم النصير﴾(4).
وقال جلّ جلاله: ﴿فأمّا الذين آمنوا بالله واعتصموا به فسيدخلهم في رحمة منه وفضل ويهديهم إليه صراطاً مستقيما﴾(5).
وقال سبحانه وتعالى: ﴿ففرّوا إلى الله إنّي لكم منه نذير مبين﴾(6).