الثالث ـ يعرض الإسلام على الآخر إن كان في دار الإسلام. وهو قول أبي حنيفة كقوله في إسلام أحدهما قبل الدخول، إلّا أنّ المرأة إذا كانت في دار الحرب فانقضت مدّة التربص وهي ثلاثة أشهر أو ثلاثة حيض وقعت الفرقة، ولا عدّة عليها بعد ذلك؛ لأنّه لا عدّة على الحربيّة.
وإن كانت هي المسلمة فخرجت إلينا مهاجرة فتمّت الحيض هنا، فكذلك عند أبي حنيفة. وقال الصاحبان: عليها العدّة»(1)(2). انتهى ما أردنا نقله عن الموسوعة الفقهيّة الكويتيّة.
ثمّ إن المسألة التي أصبحت محلّ الابتلاء في زماننا هذا في البلاد الاوروبيّة والغربيّة هي اتّجاه كثير من نسائهم إلى الإسلام هرباً من التفسّخ الخُلقي المنتشر في تلك البلاد، والتي تكون النساء فيه هي الضحيّة الاُولى أو لأيّ عامل آخر، فلو حكم عليهنّ بالانفصال عن أزواجهنّ أدّى ذلك إلى ارتداد أكثرهنّ إلى الكفر مرّة اُخرى هرباً من الانفصال عن الأزواج في حين انّه لو أفتينا بعدم انفساخ العقد كسبناهنّ للإسلام، وقد يؤثّرن بالتدريج على أزواجهنّ.
ومن هنا قد يقال: إنّ البحث السابق لا ينفعنا شيئاً بصدد حلّ هذه المشكلة؛ لأنّنا لو سلّمنا تقديم الطائفة الثانية من الروايات الدالّة على عدم الانفساخ بمخالفة العامّة أو فرضنا تساقط الروايات بالتعارض أو أخذنا بالطائفة الثانية بناء على التخيير لدى التعارض فهذا إنّما يحلّ المشكلة بالنسبة لنساء الذمّيين، في حين أنّ هؤلاء ليسوا ذمّيين. اللهم إلّا إذا فسّر أهل الذّمة بمعنى من له قابليّة الذمّة، وهم الكتابيون حتى القاطنون في دار الكفر.
وقد يقال: إنّنا بأيّ تفسير فسّرنا الذمّي يقع التعارض بين الطائفتين، فإذا أسقطنا روايات الانفساخ بوجه من الوجوه لم يبقَ دليل على الانفساخ بالنسبة للكتابيين القاطنين في دار الكفر؛ لأنّ الدليل عبارة عن تلك الروايات، فلنفترض أنّ روايات عدم الانفساخ لم تشملهم، لكنّه يكفينا عدم بقاء دليل يدلّ على الانفساخ، فنجري استصحاب بقاء علقة الزوجيّة.
إلّا أنّ هذه النتيجة مشكلة؛ وذلك بعد وضوح أنّ ظاهر عنوان أهل الذمّة أو الذمّي أو من له ذمّة ونحو ذلك هي الذمّة الفعليّة، لا مجرّد من له قابليّة الذمّة.