الزواج الدائم من الكتابيّة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله آل الله.
هل يجوز الزواج الدائم بالكتابيّة(1) أو لا؟
لا إشكال في وجود روايات تدلّ على جواز الزواج بالكتابيّة من قبيل صحيحة أبي ولاّد قال: سمعت أبا عبدالله يقول: «المسلم يرث امرأته الذمّيّة وهي لا ترثه»(2).
وبما أنّ الإرث لا يكون إلّا في الزواج الدائم، فالمقصود بهذه الصحيحة هو الزواج الدائم.
ولكن لو احتمل اختصاصها بما لو كانا كتابيَّين ثُمّ أسلم الزوج لم يمكن التمسّك بالإطلاق لفرض زواج المسلم ابتداءً بالكتابيّة؛ لأنّها واردة مورد حكم آخر وهو الإرث، فلا إطلاق لها في تحقيق موضوعها.
وصحيحة عبدالله بن سنان عن أبي عبدالله قال: سأله أبي وأنا أسمع عن نكاح اليهوديّة والنصرانيّة. فقال: «نكاحهما أحبّ إليّ من نكاح الناصبيّة، وما اُحبّ للرجل المسلم أن يتزوّج اليهوديّة ولا النصرانيّة مخافة أن يتهوّد ولده أو يتنصّر»(3).
واحتمال اختصاصها بالمتعة بعيد؛ فإنّ الفرد البارز من النكاح والزواج لدى الإطلاق هو الدائم.
نعم، الصحيحتان مخصوصتان بزواج الكتابيّة دون زواج الكتابيّ، وكذلك الآية الشريفة لو فرض شمولها للنكاح الدائم، وهي قوله تعالى: ﴿وَالْمُـحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُـحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوْتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ﴾(4).
ونحوهما صحيحة معاوية بن وهب (وعطف عليه غيره أو غيره من أصحابنا) عن أبي عبدالله في الرجل المؤمن يتزوّج اليهوديّة والنصرانيّة، فقال: «إذا أصاب المسلمة فما يصنع باليهوديّة والنصرانيّة؟!»، فقلت له: يكون له فيها الهوى، قال: «إن فعل فليمنعها من شرب الخمر، وأكل لحم الخنزير. واعلم أنّ عليه في دينه غضاضة»(5).
ونحوها روايات عدم جواز الزواج باليهوديّة والنصرانيّة على المسلمة وجواز العكس، وجواز الزواج باليهوديّة على النصرانيّة(6).
ولم أرَ ما يجوّز كون المرأة المسلمة تحت الكتابيّ إلّا في فرض إسلام الزوجة بعد ما كانا كتابيَّين وبسند غير تامّ(7)، وهي معارضة بغيرها كصحيحة ابن محمّد بن أبي نصر(8)، وصحيحة عبدالله بن سنان(9).