إلا أنّ هذا الكلام غير صحيح؛ لأنّ صاحب الوسائل نقل هذا الحديث مع كلمة "صاحبها" في الباب الثاني من اللقطة عن عبد الله بن جعفر في قرب الاسناد عن عبد الله بن الحسن عن جدّه عليّ بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر، وهذا السند ضعيف بعبد الله بن جعفر، وهو وإن ذكر أخيراً أنّه" رواه عليّ بن جعفر في كتابه" وهذا تامّ السند، لكنّنا لا ندري أنّ نسخة كتاب عليّ بن جعفر هل هي مشتملة على كلمة "صاحبها" أو لا؟ ويبدو أنّ صاحب الوسائل(رحمه الله) لم يكن يهتمّ بوجود هذه الكلمة وعدمها إلى حدّ يفهم من قوله:" رواه عليّ بن جعفر" أنّه رواه مع كلمة "صاحبها". والدليل على ذلك: أنّه ذكر في ذيل نقله للحديث عن قرب الاسناد قوله:" ورواه الصدوق بإسناد عن عليّ بن جعفر مثله "، بينما نحن نعلم أنّ الصدوق رواه من دون هذه الكلمة كما نقله هو (رحمه الله) في الباب. 20. الحديث عن التهذيب من دون كلمة "صاحبها" وعقّبه أيضاً بقوله:" ورواه الصدوق بإسناد عن عليّ بن جعفر ".
الوجه الثاني: إنّ الموجود في نسخة الفقيه بدلاً عن قوله: حفظها في عرض ماله" قوله: "جعلها في عرض ماله، وهذا لا يعطي معنى الأمانة بل يعطي معنى الملك أو الإباحة في التصرّف ولم يثبت أنّ تعبير الإمام كان وفق نسخة التهذيب دون الفقيه.
هذا، وبناءً على نسخة الفقيه يتأكّد كون كلمة "لم يعرف" بالتخفيف لوضوح عدم جواز التملّك أو التصرّف ابتداءً بلا تعريف.
الوجه الثالث: أنّه حتّى لو افترضنا أنّ التعبير الصادر من الإمام هو قوله: "حفظها في عرض ماله" فهذا غير ظاهر في إرادة الحفظ كأمانة، ويحتمل إرادة الملك أو العارية.
هذا، وإذا كان كان بعض الرواة قد نقل بتعبير "حفظها في عرض ماله" وبعضهم نقل بتعبير "جعلها في عرض ماله" والثاني ظاهر في الملك أو العارية والأوّل مجمل، فقد يكون الثاني مفسّراً للأوّل، أو يقال ـ على الأقلّ ـ: إنّ المجمل لا يعارض المبيّن، فيثبت أنّ المقصود هو الملك أو العارية، لا الأمانة.
الوجه الرابع: انّنا لو غضضنا النظر عن كلّ ما مضى فالمزيّة المفروض ترتيبها على الحفظ كأمانة ـ والتي لا تنحفظ في فرض التملّك أو التصدّق وهي عدم ضمان الملتقط إذا تلفت العين بلا تفريط ـ لا تترتّب في المقام؛ وذلك لأنّ هذه الرواية بذيلها دالّة على الضمان حيث يقول: "وهو لها ضامن". ولعلّ هذا يؤيّد احتمال أنّ المقصود كان هو الملك أو العارية، لا الأمانة.
الرواية الثانية: رواية الهيثم بن أبي روح صاحب الخان قال: كتبت إلى العبد صالح: إنّي أتقبّل الفنادق فينزل عندي الرجل فيموت فجأة ولا أعرفه ولا أعرف بلاده ولا ورثته فيبقى المال عندي، كيف أصنع به؟ ولمن ذلك المال؟ قال: "اتركه على حاله" (1).