الوجه الأوّل: إنّ كلمة "صاحبها" غير موجودة في الفقيه ولا في التهذيب، وعلى تقدير عدم وجود هذه الكلمة لا ندري كيف تقرأ كلمة "فإن لم يعرف" هل بتخفيف الراء أو بتشديده؟
فإن كان بتخفيف الراء لم يختلف المعنى، فيكون معنى الرواية أنّه لو عرّفها سنة ولم يعرف صاحبها حفظها في عرض ماله، أمّا لو كان بتشديد الراء فيصبح المعنى أنّه لو لم يعرّف اللقطة وجب حفظها في عرض ماله حتّى يأتي صاحبها، وعلى هذا المعنى يسقط الحديث عن الدلالة على المقصود من حفظ المال كأمانة بعد تعريف سنة، ويصبح مفاد الحديث: أنّ التعريف غير واجب، فيجوز ترك التعريف شريطة أن يحتفظ بالمال كأمانة، فكأنّ التملّك والتصدّق هما حكم فرض التعريف، والحفظ كأمانة هو حكم فرض عدم التعريف.
قد يقال في قبال ذلك: إنّ أدلّة وجوب التعريف تصبح قرينة على أنّ كلمة "لم يعرف" هنا تكون بتخفيف الراء.
ولكن الصحيح أنّ الكلام المبيّن قد يصلح تفسيراً للكلام المجمل بعد تعيّن عبارة ذاك المجمل، أمّا إذا كان المجمل إنّما أصبح مجملاً بعدم تعيّن عبارته فعلى أحد الفرضين يكون معارضاً للمبيّن فذاك المبيّن لا يستطيع أن ينفي ذلك الفرض، إلا إذا فرضنا العلم الإجمالي بأنّه إمّا ذاك المبيّن غير صحيح، أو إنّ ذاك الفرض غير واقع، ولكن ليس لنا في المقام علم إجمالي كذلك.
نعم، يبقى المبيّن على حجّيّته؛ لعدم تيقّن ابتلائه بالمعارض ما لم يحقّق المجمل علماً إجماليّاً منجّزاً أحد طرفيه عبارة عن ابتلاء المبيّن بالمعارض، وتمام الكلام في ذلك موكول إلى علم الاُصول.
ولا مخلص عن هذا الإشكال إلا فرض كون أدلّة وجوب التعريف مفيدة للاطمئنان بوجوب التعريف والاطمئنان بأنّ كلمة "لم يعرف" هنا بالتخفيف، وأمّا لو فرضنا الاطمئنان بوجوب التعريف مع عدم الاطمئنان بأنّ كلمة "لم يعرف" هنا بالتخفيف فالنتيجة هي سقوط هذه الرواية عن الحجّية.
وقد يقال: إنّ النقل الذي جاء فيه كلمة "صاحبها" باقٍ على حجّيّته فنتمسّك به؛ فإنّ النقل الذي حذف فيه كلمة "صاحبها" ليس فيه دلالة على خطأ النقل الذي فيه تلك الكلمة؛ إذ لا يدلّ على ذلك إلا على تقدير كون كلمة "يعرف" بالتشديد ولم يثبت، إذن نبقى نتمسّك بحجّية النقل الذي فيه كلمة "صاحبها".