5 ـ ما ورد من جواز تملّك مال من مات أو فقد ولا يعرف له وارث، من قبيل ما ورد عن هشام بن سالم بسند تام قال: سأل حفص الأعور أبا عبد الله وأنا عنده جالس قال: إنّه كان لأبي أجير كان يقوم في رحاه وله عندنا دراهم وليس له وارث، فقال أبو عبد الله: "تدفع الى المساكين" ثم قال: رأيك فيها، ثم أعاد عليه المسألة فقال له مثل ذلك، فأعاد عليه المسألة ثالثة، فقال أبو عبد الله: "تطلب له وارثاً، فإن وجدت له وارثاً و إلا فهو كسبيل مالك< ثم قال: "ما عسى أن تصنع بها"، ثم قال: "توصي بها، فإن جاء لها طالب وإلا فهي كسبيل مالك"(1).
وعنه بسند تام قال: سأل حفص الأعور أبا عبد الله وأنا حاضر، فقال: كان لأبي أجير وكان له عنده شيء فهلك الأجير فلم يدع وارثاً ولا قرابة، وقد ضقت بذلك، كيف أصنع؟ قال: "رأيك المساكين رأيك المساكين" فقلت: إنّي ضقت بذلك ذرعاً قال: "هو كسبيل مالك، فإن جاء طالب أعطيته"(2). ولعلّهما رواية واحدة.
وعنه بسند تام قال: سأل خطّاب الأعور أبا إبراهيم وأنا جالس فقال: إنّه كان عند أبي أجير يعمل عنده بالاُجرة ففقدناه وبقي من أجره شيء ولا يعرف له وارث، قال: "فاطلبوه" قال: قد طلبناه فلم نجده قال: فقال: "مساكين ـ وحرّك يده ـ" قال فأعاد عليه قال: "اطلب واجهد، فإن قدرت عليه وإلا فهو كسبيل مالك حتى يجيء له طالب، فإن حدث بك حدث فأوص به إن جاء لها طالب أن يدفع إليه"(3).
إلا أنّ هذه الروايات لو فرضت دلالتها على جواز تملّك مجهول المالك فلا تدلّ على جواز تملّك اللقطة؛ فإنّها غير واردة في اللقطة، واحتمال الخصوصية موجود، فلعلّ نفس الالتقاط يثقّل التكليف على الملتقط.
على أنّها لا تدلّ على جواز تملّك مجهول المالك أيضاً على الإطلاق؛ فإنّها واردة فيمن لا وارث له أو لا يعرف له وارث، واحتمال الفرق موجود قطعاً.
هذا، ومن لا وارث له فماله للامام أو لبيت مال المسلمين كما في روايات اُخرى، فلعلّ الامام في مورد هذه الروايات تبرّع بحقه الجزمي لو كان لا وارث له أو الاحتمالي لو كان لا يعرف له وارث.
6 ـ ما جاء في رواية علي بن مهزيار في شرح الفوائد التي يجب فيها الخمس في كلّ عام "... ومثل مال يؤخذ ولا يعرف له صاحب..."(4). وسند الحديث تام.
فهذا يدلّ على تملّك المال الذي لا يعرف له صاحب.
إلا أنّه لا يبعد أن يكون المقصود ممّا لا يعرف له صاحب ما لا يعلم أن يكون له مالك أصلاً بأن كان ممّا باد أهله مثلاً، لا ما كان مالكه مجهولاً أو كان لقطة.