وأمّا مرسلة الصدوق: "فإن وجدت في الحرم ديناراً مطلساً فهو لك لا تعرّفه"(1) فلا قيمة لها سنداً، ولعلّ الصدوق يشير إلى نفس رواية ابن غزوان.
حكم ما دون الدرهم:
وقد يستثنى من وجوب التعريف ما دون الدرهم، ولكن الظاهر أنّه لا دليل على الاستثناء بعنوان ما دون الدرهم إلا حديث مرسل جاء فيه: "وما كان دون الدرهم فلا يعرَّف"(2).
نعم، ورد الاستثناء في حديث تامّ السند بعنوان المحقّرات التي لا طالب لها عادةً، وهو: ما عن حريز عن أبي عبد الله قال: "لا بأس بلقطة العصا والشظاظ والوتد والحبل والعقال وأشباهه ـ قال: ـ وقال أبو جعفر: ليس لهذا طالب"(3)، فهذا كما ترى يدلّ على جواز تملّك المحقّرات التي لا طالب لها عادةً بلا حاجة إلى التعريف.
وقد يعارض ذلك: بما عن عبد الرحمان بن أبي عبد الله ـ بسند تامّ ظاهراً ـ قال: سألت أبا عبد الله عن النعلين والإداوة والسوط يجده الرجل في الطريق ينتفع به؟ قال: "لا يمسّه"(4).
ورواه أيضاً داود بن أبي يزيد عن أبي عبد الله بسند تامّ، فعلى الأقلّ بعض ما جاء في هذه الرواية يكون من قبيل تلك المحقّرات، فمثلاً ما الفرق بين السوط الذي جاء في هذه الرواية والعصا الذي جاء في تلك الرواية؟! ولكن لا يخفى أنّ النهي القابل للحمل على الكراهة لا يقاوم دليل الجواز.
حكم التقاط المحقّرات من الحرم:
وهل يجوز التقاط المحقّرات من الحرم أو لا؟
مقتضى إطلاق رواية حريز هو الجواز، ولكن تعارضه إطلاقات لقطة الحرم، كرواية حريز الاُخرى الماضية(5) الواردة في الحرم، وفيها: "ولا تحلّ لقطتها إلا لمنشد"، ومع فرض التساقط يكون مقتضى الأصل العملي عدم جواز الالتقاط بلا تعريف ما لم يطمأنّ برضا المالك، ومقتضى العامّ الفوقاني أيضاً هو التعريف، وهو بعض المطلقات الآمرة بالتعريف لو لم نقل بأنّ تذيّلها بالملك يمنع عن شمولها لمحقّرات الحرم، فإنّه بعد أن خرجت لقطة الحرم بشكل عامّ عن إطلاقها بما دلّ على عدم جواز امتلاكها لا يكون التمسّك بإطلاقها في خصوص محقّرات الحرم عرفياً.