وأمّا البحث الإثباتي للتخيير بين الفتاوى المتعارضة فالتقريب الأوّلي لنفي التخيير وللتعارض والتساقط هو أنّ مقتضى إطلاق دليل التقليد أو حجية الفتوى هو كون كلّ فتوى من الفتاوى لفقيه جامع للشرائط حجة، فإذا فرض التعارض بين فتويين في مفادهما فتطبيق دليل الحجية على إطلاقه على كلا الفتويين غير ممكن، وتطبيقه على أحدهما دون الآخر ترجيح بلا مرجّح، فيكون مقتضى الأصل الأوّلي هو التساقط لا محالة، وهذا عين ما يذكر أيضاً في باب تعارض الروايات.
التقريب الأولي للتخيير بين الفتويين المتعارضين:
والتقريب الأوّلي للتخيير في المقام هو ما كان يقوله اُستاذنا المرحوم آية الله الشاهرودي رحمه الله من أنّ الأمر بالتقليد ليس إلا كالأمر بالتوضي بالماء أو التيمم بالتراب، أي إنّه أمر بدلي بتقليد فقيه ما، وكما أنّ المفهوم من الأمر بالوضوء أو الغسل بالماء ليس هو الأمر بالوضوء بكلّ ماء وكذلك المفهوم من الأمر بالتيمم بالتراب ليس هو التيمم بكلّ تراب، بل هو الوضوء بماء ما أو التيمم بتراب ما، والنتيجة هي التخيير بين المياه أو الأصعدة.
كذلك الأمر بالتقليد لم يكن يقصد به التقليد عن جميع الفقهاء كي يلزم التعارض والتساقط لدى اختلاف الفتاوى، وإنّما الواجب هو التقليد لفقيه ما لا لكلّ الفقهاء، والنتيجة لا محالة هي التخيير؛ لمكان الإطلاق البدلي.
المناقشة:
وإن كان هذا النقض غير وارد على السيد الشاهرودي رحمه الله خاصة، لأنّه لم يكن يؤمن بحجية خبر الثقة إلا عن طريق حصول الاطمئنان.
ملاك التساقط في الفتاوي المتعارضة: