أمّا إذا ناقشنا في كون ذلك فحصاً موجباً لجريان البراءة كما لا يبعد ذلك فالحق إذن هو إجراء أصالة عدم حجية فتوى الميت. ولكن الواقع أنّه لم تصل النوبة إلى هذا الأصل؛ لأنّ المطلقات والارتكاز والاستصحاب كلّها تدلّ على الحجية.
وعلى أيّ حال فقد اتضح بكلّ ما ذكرناه أنّ عنوان الحياة والموت بما هما ليسا دخيلين في حكم التقليد، وأنّ تقليد الميت ابتداء جائز كتقليد الحي.
نعم، عنوان الأعلمية دخيل في حكم التقليد على ما سوف يأتي إن شاء الله، والأعلمية في المدى الطويل من الزمان تكون دائماً في الأحياء؛ فإنّ الفقيه حينما يموت يتوقّف فقهه عن النمو في حين أنّ الأحياء يستوعبون ما كان لديه ويسيرون في طريق التكامل، ولا توجد نكتة لأعلمية الميت في المدى الطويل إلا نكتة واحدة مخصوصة بما قبل عصر تدوين الجوامع، وهي احتمال عثورهم على روايات وقرائن لم نعثر عليها، وهذا وحده غير كافٍ في المقام؛ فإنّ أكثر نكات الأعلمية الأخرى تختص بالأحياء، لأنهم هم الذين يواكبون نمو العلم.
النقطة الثالثة: العدول من الميت والى الميت
قال السيد اليزدي: « مسألة 10: إذا عدل عن الميت إلى الحي لا يجوز له العدول إلى الميت » (1).
كأنّ المقصود هو أنّ العدول من الميت إلى الحي يجوز حتى مع فرض أعلمية الميت أو على الأقل ـ مع التساوي ـ فإذا عدل إلى الحي لا يجوز له الرجوع مرة أخرى إلى الميت؛ لأنّ هذا يصبح تقليداً ابتدائياً للميت، لأنّ التقليد عند السيد اليزدي رحمه الله عبارة عن الالتزام، وقد عدل إلتزامه إلى الحي، فالرجوع إلى الميت يعني التزاماً جديداً بفتاوى الميت، وهذا تقليد ابتدائي.