المولفات

المؤلفات > البيع

184

فإنّ المالكية مأخوذة في إنشاء الفضولي بوصفها حيثية تقييدية(1).

أقول: والواقع أنّ هذين الإشكالين يمكن علاجهما بوجه يتأتّى حتّى فيما فرض الشيخ الأنصاري رحمه الله الفراغ عن بطلان المعاملة فيه، وهو ما لو لم يدّع الفضولي المالكية ومع ذلك قصد العقد لنفسه، فقد فرغ الشيخ رحمه الله عن بطلان ذلك بحجّة عدم تحقّق معنى المعاوضة.

والجواب عن ذلك أنّنا لا نقصد بالمعاوضة التي نريد تصحيحها بالإجازة قصد إدخال كلّ واحد من العوضين في ملك من فرض خروج العوض الآخر عن ملكه، ولذا لا شكّ في صحّة شراء أحد العمودين وإن كان ينتج انعتاقه، فنحن مقصودنا في المقام: أنّه قد صدرت من الفضولي المعاوضة الضمنية ضمن البيع أو الشراء، وهذه المعاوضة الضمنية قابلة للتصحيح بالإجازة المتأخّرة ولو بطل البيع أو الشراء.

ودعوى أنّ صحّة شراء أحد العمودين إنّما تكون على أساس تحقّق الملكية التقديرية كلام صوري لا قيمة له؛ لأنّه لو قصد بذلك الملكية آناً مّا فملكية أحد العمودين ولو آناً مّا غير صحيحة، ولو قصد بذلك الملكية التقديرية بمعنى مجرّد التقدير فتقدير الملك ليس ملكاً.

والخلاصة: أنّ المعاوضة الضمنية حاصلة في بيع الفضولي في عالم الاعتبار يقيناً وتنفذ بالإجازة المتأخّرة، ولا يلزم من ذلك لا إشكال صوريّة البيع أو الشراء ولا إشكال أنّ ما أُجيز لم يقع وما وقع لم يُجَز.

بل لعلّ الأولى أن نقول: إنّ البيع إن هو إلّا عبارة عن جامع المبادلة، فلو اشترى شخص أحد عموديه وهو عالم بأنّه لا يملكهما ولم يقصد ملكهما، بل قصد انعتاق ما اشتراه فقد اشتراه حقيقةً وإن كانت نتيجة شرائه انعتاقه، ولا إشكال في أنّ الفضولي قصد أصل المبادلة بين المالين وإن كانت الشريعة لم تقرّ له حصول التبادل في عالم


(1) راجع کتاب المكاسب، ج3، ص380 _ 384.