المولفات

المؤلفات > البيع

161

وتحقيق الحال في المقام: أنّ الأمر الاعتباري الذي يفترض وجوده في مورد العقود يكون له وجود في عوالم ثلاثة:

فله وجود في عالم اعتبار المتعاقدين أنفسهما، فهما يعتبران النقل والانتقال مثلاً.

وله وجود في عالم اعتبار العرف والعقلاء متى ما وافقوا على ما فعله المتعاقدان، فيعتبرون المال مثلاً قد انتقل من البائع إلى المشتري.

وله وجود في عالم اعتبار الشارع متى ما أمضى الشارع ما فعلاه.

وقد يوجد ذلك النقل الاعتباري في بعض هذه العوالم دون بعض، كما لو تبايع صبيّان وفرض البيع باطلاً حتّى في نظر العقلاء، فالنقل الاعتباري وجد في لوح اعتبار المتعاقدين، ولكنّه لم يوجد في لوح اعتبار العقلاء ولا الشارع، وكما لو تبايع شخصان الخمر فحصل النقل والانتقال في لوح اعتبار المتعاقدين وفي لوح اعتبار العقلاء، ولم يحصل ذلك في لوح اعتبار الشارع.

وإذا اتّضح هذا التفكيك بين العوالم الثلاثة من عوالم الاعتبار فلعلّه يكون ذلك كافياً في تنبيه الوجدان إلى أنّ الاعتبار في لوح اعتبار الفضولي إن هو في حدّ ذاته إلّا اعتبار للعاقد الفضولي لا للمالك، ولا فرق بين ذلك وبين الأكل والشرب، وإنّما ينتسب إلى المالك في طول نفوذه بلحوق الإجازة، فلا يمكن أن يكون دليلاً على النفوذ.

نعم، لو وافقنا على أنّ العقلاء يرون نفوذ الإجازة المتأخّرة كفى ذلك في صحّة التمسّك بمثل :﴿أَوْفُوْا بِالْعُقُوْدِ﴾ إلّا أنّ هذا يكون بالدقّة تقريباً آخر غير حاقّ تقريب السيّد الخوئي رحمه الله.

وإن شئت توضيحاً أكثر للأمر أمكنك أن تراجع كتابنا (فقه العقود)(1).

ولا يفوتنا أن نؤكّد على أنّ هذا البيان الذي أوردناه إن هو إلّا إلفات للوجدان، لا برهاناً عقليّاً على بطلان كلام السيّد الخوئي رحمه الله؛ إذ لقائل أن يدّعي أنّ ذات إجازة


(1) فقه العقود، ج2، ص179 _ 182.