المولفات

المؤلفات > دراسات فقهية

384

الواضح بين المسلمين، وهو الوارد في القرآن، وهو حدّان أقلّهما حدّ القذف وهو ثمانون، فلا ظهور للصدر في ذاته في إرادة ما هو أقلّ من ذلك كحدّ القيادة أو مجامعة الحائض مثلاً. ومع الإجمال نرجع إلى إطلاق دليل الولاية، ويثبت جواز تعزير الحرّ بما يراه الوالي من مصلحة ما لم يصل إلى الثمانين، أمّا في العبد فيجب أن لا يصل إلى الخمسين، هذا.

وينبغي أن نستثني من قاعدة عدم جواز الضرب في غير موارد الحدّ بما يبلغ مستوى الحدّ حالتين:

الأُولى: ما لو جزمنا أنّ هذا المقدار لا يكفي لتأديبه، فالوليّ يعيّن حينئذٍ ما يراه صالحاً لتأديبه؛ وذلك لأنّ التعزير يعني التأديب والمنع، فلا يفهم العرف من دليل تحديد أقصى حدّ التعزير بما دون الحدّ إطلاقاً لما إذا قطعنا بعدم حصول التأديب والمنع بذلك.

الثانية: ما لو كان العمل المردوع عنه يهدف إقصاؤه بحدّ ذاته من الخارج للمصالح الاجتماعية، فلم يعدّ الهدف مجرّد تأديب هذا الشخص وتهذيبه. وتوضيح ذلك:

إنّه لا إشكال في مطلوبية تأديب وتهذيب كلّ عاص من العصاة لمصلحته هو، كما لا إشكال في أنّ تأديب كلّ عاص يعود بوجه مّا نفعه إلى المجتمع أيضاً، ولكن قد يكون تأثير بعض المعاصي في الإضرار بالمجتمع واضحاً إلى حدّ كان هدف إنجاء المجتمع من ذلك يرى هدفاً مستقلّاً بذاته بغضّ النظر عن تأديبه وتهذيب هذا الشخص، كما لو كان ما يصدر منه إيذاءً للمجتمع كالتجسّس مثلاً، فهذا يختلف عن مجرّد رجوع ضرر كلّ معصية إلى المجتمع بالتحليل، ففي مورد من هذا القبيل لا يبعد أن يقال بأنّ تخمين مقدار الحاجة إلى الضرب يعود إلى وليّ الأمر، ولا نتقيّد بحدود ما يقلّ عن الحدّ؛ لعدم إطلاق في الرواية لذلك.

بيان ذلك: إنّ المقصود بالتعزير في هذه الرواية ليس مطلق التأديب والمنع بعمومه اللغوي الذي يشمل حتّى الحدّ كما هو واضح، فبداهة عدم شموله لمورد الحدّ قرينة عرفية كالمتصل على أنّ المقصود بالتعزير هو ما إذا كان الهدف مجرّد التأديب والمنع،