المولفات

المؤلفات > دراسات فقهية

357

الزمان ونقول: بالامكان التفصيل بين أقسام الضمان فيها:

ففي مثل ضمان الغصب نقول: إنّ من غصب ألف دينار وبعد خمسين سنة تاب إلی اللّه وأراد إرجاع المبلغ بعد أن سقط الدينار سقوطاً فظيعاً خلال خمسين سنة نتيجة للتضخّم المتزايد في البلاد، وجب عليه إرجاع ما يناسب هذا التضخّم، ولا يكفيه إرجاع نفس المبلغ القديم، وذلك تداركاً للضرر الذي يحكم به الارتكاز العقلائي وتمسّكاً بقاعدة نفي الضرر.

فإن قلت: إنّ هذه منفعة سوقية وداخلة في القسم الثالث من الأقسام الثلاثة الماضية لأوصاف المثل، وليست داخلة في القسم الثاني وهي المنافع الاستعمالية وقد مضي أنّ تخسير المنفعة السوقية لا يوجب الضمان، ولذا لو استورد شخص مبلغاً كبيراً من سلعة يملك مثلها تاجر آخر وبذلك كسر القيمة السوقية لما يمتلكه ذاك التاجر، وذلك علی أساس كثرة العرض، لم يضمن له شيئاً. وقد نقلنا عن أُستاذنا الشهيد(رحمه الله) أنّه ذكر أنّ الضرر بلحاظ المنفعة التجارية إنّما هو ضرر نسبي ومضاف، فلا يشمله دليل نفي الضرر.

قلنا: بما أنّ هذه الأوراق النقدية تكون منفعتها السوقية مطلوبة لكل واحد فقد أصبحت هي كالمنفعة الاستعمالية، أي أنّه ما دامت هذه المنفعة أصبحت منفعة عامة منظوراً إليها لكل أحد، فالضرر بالنسبة لها كأنّما يعتبر ضرراً مطلقاً لا نسبياً ومضافاً، فتشملة أدلة نفي الضرر(1).

 

 

<


(1) قد تقول: یلزم من ذلك أنّ السلطة لو طبعت من نقدها مبلغاً كبیراً وأدخلته فی السوق فانخفضت بذلك القوة الشرائیة لما فی أیدی الناس من النقود یجب أن تكون ضامنة لهم؛ لما أجرت علی أموالهم من النقص فی القوة الشرائیة: إلّا أنّ الواقع هو أنّه بما أنّ القوة الشرائیة للنقود كانت من أساسها مستمدة من سلطة السلطان، وبلحاظ دائرة سلطته یری أنّ من حقّه إضافة السكة، فیحكم عقلائیاً بعدم ضمانه؛ لأنّه لم یفعل إلّا ما كان من حقّه. بخلاف الغاصب، فإضافة السكة من قبل السلطان