المولفات

المؤلفات > دراسات فقهية

351

لأنّه كان قد استدان منه في الحقيقة قوّة شرائية، والآن عليه أن يردّ نفس تلك القوّة وهي متجسّدة اليوم في مبلغ أقل من تلك الأوراق.

هذا وقد عرفت في ما سبق بطلان هذا المبنی، وأنّ افتراض تجسّد أمر معنوي وهو القوّة الشرائية ليس عرفياً.

والوجه الثاني: وهو أقوي الوجهين: أنّ هذه الأوراق أموال اعتبارية تحمل قوّة شرائية، وهي أموال مثلية تكون قوّتها الشرائية من صفات المثل، فلابدّ من الاحتفاظ بها لدی الأداء، ولذا يجب إرجاع مبلغ أكبر لدی ضعف القوة الشرائية في وقت الأداء بالتضخّم.

وهذا الوجه يخرّج الزيادة لدی شدّة التضخّم، ولكنه لا يخرّج النقيصة لدی انخفاضه، فالمقترض مدين بصفة القوّة الشرائية وبكميّة المال أيضاً، فإذا ارتفعت القوّة الشرائية كان عليه ردّ نفس المقدار من الأوراق حفاظاً علی الكميّة، وإذا انخفضت القوّة الشرائية كان عليه ردّ مقدار أكبر حفاظاً علی صفة القوة الشرائية.

وقد يورد علی هذا الوجه: أنّ اختلاف القوّة الشرائية ليس مخصوصاً بالأوراق الاعتبارية، بل الذهب والفضّة قديماً أيضاً كانا يبتليان باختلاف القوّة الشرائية صعوداً تارةً ونزولاً أُخری، وباختلاف القيمة السوقية لدی مقايسة أحدهما بالآخر، وكلّ هذا لم يكن يؤثّر في تحريم الزيادة واعتبارها رباً ومشموليتها لقوله تعالی: ﴿وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ﴾(1).فلماذا يفترض ذلك مؤثراً في الحكم بالنسبة للأوراق الاعتبارية؟

بل إنّ اختلاف القوّة الشرائية أمر يعتري جميع السلع، فكلّ سلعة من السلع قد تضعف قوّتها الشرائية أو تقوی بسبب كثرة العرض أو الطلب أو قلته أو بأي سبب آخر، ولا تعتبر القوّة الشرائية من صفات المثل التي يجب الاحتفاظ بها من قبل المدين لدی

 


(1) البقرة: 279.