المولفات

المؤلفات > دراسات فقهية

345

هذا، وقد تلخّص من كل ما ذكرناه: أنّ التعدي في باب الزكاة من النقدين إلى الأوراق المالية الاعتبارية المألوفة اليوم، بعد تسليم كون تفاصيل أحكام الزكاة أحكاماً إلهية لا ولائية، لا يخلو من إشكال.

إلا أنّ المهم هو أنّنا نعتقد على أساس مبدأ الولاية بأنّ من حق ولي الأمر فرض الضرائب على الأموال في حدود ما يراه من المصالح الاجتماعية وليس من المهم أن تصبح هذه الضرائب محكومة بحكم ما اصطلحت عليه الزكاة من حرمة صرفها على ذوي القربي.

المسألة الثانية: في تعلّق الخمس بالأوراق المالية وقد ذكرنا بهذا الصدد إشكالين:

الإشكال الأوّل: في تعلّق الخمس بما يمتلك من هذه الأوراق بالهبة، بناءً علی الإيمان بأنّ الهبة يتعلّق بها الخمس، وبناءً علی الإيمان بأنّ الهبة متقوّمة بالقبض، فعندئذٍ يقال: إنّ هذه الأوراق كانت مجرّد شيكات وسندات، فلا معنی لتعلّق الخمس بها إلا بقيمتها الضئيلة الذاتية إن كانت لها قيمة ذاتية، أما بقوّتها الشرائية الاعتبارية فلا. كما لا معنی لتعلّق الخمس بأرصدتها لعدم حصول القبض المملّك.

والجواب عن هذا الإشكال هو: ما عرفت مفصّلاً في المسألة الأولي من منع كون هذا الأوراق مجرّد شيكات وسندات لها مالية اعتبارية اجتماعية.

الإشكال الثاني: هو الإشكال في خمس أرباح المكاسب في الأوراق المالية؛ وذلك ببيان أنّ من كان رأس ماله المخمّس مائة دينار مثلاً ثم زاد في السنة الثانية إلی مائة وعشرين ديناراً فالفتوي عادة تكون بوجوب تخميس العشرين، في حین أنّه یمكن أن یقال: إنّ هذا وإن صحّ في الدنانیر الذهبیة مثلاً لكنه لا یصح في الأوراق الاعتباریة مع حالة التضخم؛ وذلك لأنّ المائة والعشرین ديناراً في السنة الثانية قد تساوي قوّتها الشرائية القوة الشرائية للمائة دينار في السنة السابقة، أو تكون أقل، فلم يحصل في الحقيقة الربح حتی يجب تخميسه.