المولفات

المؤلفات > دراسات فقهية

32

وأمّا النقض الأخير الذي شرحه وهو: أنّ الغيم الأبيض المطبق ينوّر الجوّ طيلة الليل بسبب نور الكواكب التي تنعكس عليه، فهذا جوابه: أنّ كون ذلك قضية اتفاقية وليس من قبيل علّية نور القمر يوجب عدم اعتناء الإنسان الاعتيادي بذلك.

ثم انتقل السيد الإمام(قدس سره) من الاستدلال بالكتاب إلى الاستدلال بالسنّة،‌ فقال:

«وأمّا السنّة: فكثيرة ظاهرة في المطلوب، بل بعضها كالنصّ عليه:

فمنها: ما عن الفقيه عن أبي بصير ليث المرادي قال:«‌سألت أبا عبدالله(عليه السلام) فقلت متى يحرم الطعام على الصائم، وتحلّ الصلاة صلاة الفجر؟ فقال: إذا اعترض الفجر فكا1 كالقبطيّة(1) البيضاء...»(2).

ومنها: رواية هشام بن الهذيل عن أبي الحسن الماضي(عليه السلام) قال: «سألته عن وقت صلاة الفجر؟ فقال: حين يعترض الفجر فتراه مثل نهر سوراء(3)»(4).

ومنها: ما عن الرضا(عليه السلام): «صلّ صلاة الغداة إذا طلع الفجر وأضاء حسناً»(5).

وظاهر أنّ الكون كالقبطيّة ونهر سورى وأمثال هذه التعبيرات لا ينطبق إلا على التميّز الحسّي والإضاءة الحسّية.

وأظهر منها خبر علي بن مهزيار قال: كتب أبو الحسن بن الحُصين إلى أبي جعفر الثاني(عليه السلام) معي: «جُعلت فداك، قد اختلف موالوك في صلاة الفجر، فمنهم من يصلّي إذا طلع


(1) القبطيّة: ثياب بيض رقاق من كتّان تتّخذ بمصر. الصحاح اللغة، ج3، ص1151.

(2) من لا يحضره الفقيه، ج2، ص130، باب الوقت الذي يحل فيه الإفطار وتجب فيه الصلاة من كتاب الصوم، ح1934.

(3) سورى: موضع بالعراق من أرض بابل، وهو بلد السريانيّين. لسان العرب، ج4، ص388. وعن معجم البلدان، ج3، ص278: سوراء موضع بالعراق في أرض بابل.

(4) وسائل الشيعة، ج4، ص212، الباب 27 من أبواب المواقيت، ح6.

(5) مستدرك الوسائل، ج3، ص 139، الباب 21 من أبواب المواقيت، ح3.