لو كان حراماً كان ينبغي النهي، من قبيل رواية علي بن جعفر(علیه السلام)قال: «...وسألته عن الرجل يصيب درهماً أو ثوباً أو دابّة كيف يصنع؟ قال: يعرّفها سنة، فإن لم يعرف حفظها في عرض ماله حتّى يجيء طالبها فيعطيها إيّاه، وإن مات أوصى بها، وهو لها ضامن»(1). وسند الحديث تام.
وقد يُستشکل في ذلك بأنّ هذا السكوت قد لا يقاوم النهي الوارد، ولكن هناك ما تكون دلالته على جواز الالتقاط أقوى من هذا السكوت:
فأوّلاً: الروايات التي اقترن السكوت فيها بما هو ظاهر في التملّك أو شبه التملّك بعد التعريف، من قبيل رواية حنان قال: «سأل رجل أبا عبدالله(علیه السلام)_ وأنا أسمع _ عن اللقطة، فقال: تعرّفها سنة، فإن وجدت صاحبها وإلا فأنت أحقّ بها وقال: هي كسبيل مالك. وقال: خيّره إذا جاءك بعد سنة بين أجرها وبين أن تغرمها له إذا كنت أكلتها»(2). فإذا ضممنا السكوت وما ظاهره التملّك أو شبه التملّك إلى استغراب التجويز في التملّك عرفاً مع فرض ارتكابه الحرام في أصل الالتقاط تقوى الدلالة العرفيّة على جواز الالتقاط.
ورواية الحلبي التامّة سنداً عن أبي عبدالله(علیه السلام)«في اللقطة يجدها الرجل الفقير، أهو فيها بمنزلة الغنيّ؟ قال: نعم. واللقطة يجدها الرجل ويأخذها؟ قال: يعرّفها سنة، فإن جاء لها طالب وإلا فهي كسبيل ماله. وكان علي بن الحسين(علیه السلام)يقول لأهله: لا تمسّوها»(3).
(1) من لا يحضره الفقيه، ج۳، ص292، باب اللقطة والضالة من کتاب المعيشة، ح4049؛ تهذيب الأحكام، ج ٦، ص397، باب اللقطة والضالة، ح38؛ وسائل الشيعة، ج25، ص444، الباب2 من كتاب اللقطة، ح13، مع بعض الفوارق اللفظية.
(2) وسائل الشيعة، ج25، ص442، الباب2 من كتاب اللقطة، ح5.
(3) تهذيب الأحكام، ج٦، ص389، باب اللقطة والضالة، ح3، وقد قطّعه صاحب الوسائل على الأبواب، وسائل الشيعة، ج25، ص441، الباب الأول من كتاب اللقطة، ح1، الباب2، ح1، وص461، الباب16، ح1، وفي الأخير لم يذكر المتن وإنّما ذكر رواية علي بن جعفر، وقال: إنّ رواية الحلبي نحوه.