الأوّل: لو حدث الجبّ بعد العقد وقبل الوطئ، أو بعده فهل يوجبُ ذلك الخيار أو لا؟
قد يقال: نعم يوجب الخيار وحتّى لو كان بعد الوطئ؛ وذلك تمسّكاً بإطلاق صحيحة المرادي ورواية الكناني، فإنّ التقييد بما قبل الوطئ بناءً على استظهار ذلك من بعض روايات العنن الماضية إنّما ورد في العنن، فيبقى الإطلاق في نوع آخر من عدم القدرة على الجماع وهو الجبّ على حاله.
إلّا أنّ هذا الوجه يتوقّف على تسليم الإطلاق في تلك الروايتين، أمّا لو قلنا أنّ دلالتهما إنّما هي بالفحوى بعد فرض انصراف منطوقهما إلى العنن فحالهما حال باقي روايات العنن، فبعد فرض خروج ما بعد الوطئ من المنطوق ولو بمقيَّد منفصل يسقط إطلاق مفهوم الموافقة عن الحجّية.
وبالإمكان إثبات جواز الفسخ في الجبّ حتّى بعد الوطئ ببيان آخر، وهو أن يكون المدرك للفسخ في الجبّ فحوى روايات العنن مع فرض اختيار احتمال طرحناه في ذلك البحث من ثبوت حقّ الفسخ في العنن حتّى لو كان بعد الوطئ، إلّا أنّ كلّ مرّة من الوطئ يعطي للزوج حقّ المهلة سنة بأمل العلاج، وبما أنّ أمل العلاج في فرض الجبّ غير موجود عادة، فهذا الاستثناء لا يبقى له موضوع، فيثبت حقّ الفسخ بمجرّد قطع العضو، إلّا أنّني لم أجد ولا فتوى واحدة صريحة بهذا الاحتمال.
فإن لم نقبل هذا الإحتمال ولا إطلاق الروايتين الماضيتين، وكان دليلنا على الخيار في الجبّ فحوى روايات العنن، فالنتيجة هي ثبوت الفسخ في ما إذا كان الجبّ قبل العقد أو بعده قبل الوطئ.
وإن لم نقبل أصل الفحوى فالدليل على الفسخ في الجبّ ينحصر بقاعدة لا ضرر، فيختصّ الفسخ بالجبّ الثابت قبل العقد أو المقارن للعقد؛ أمّا ما تحقّق بعد العقد فلا؛ لما أشرنا إليه سابقاً من أنّ لا ضرر لا يثبت خياراً في العيب المتجدّد بعد العقد.