المولفات

المؤلفات > دراسات فقهية

20

بعد، فإذا أتاك كتابي فاحمل معاوية على الفصل، وخذه بالأمر الجزم، ثم خيّره بين حرب مُجلية أو سلم مخزية، فإن اختار الحرب فانبذ إليه، وإن اختار السلم فخذ بيعته. والسلام»(1).

وفي كتاب له(عليه السلام) إلى معاوية في أوّل ما بويع له بالخلافة:

«فبايع من قبلك وأقبل إليّ في وفد من أصحابك»(2). وتوضيح المقصود أنّه إن كانت بيعة من بايعوا عليّاً(عليه السلام) من المهاجرين والأنصار كافية في حصول ولاية الحكم له على كلّ الأُمّة، وكان الهدف من البيعة تحصيل هذه الولاية كما هو الظاهر الأوّلي للنصوص السابقة والتي حملناها على الاحتجاج برأي الخصم، إذاً فلا معنى لمطالبة معاوية بالبيعة، ولا يبقى مجال إلّا لمطالبته بالطاعة بعد أن تمّت البيعة ولو من قبل قسم من المسلمين، وإن كانت بيعة من بايعوه(عليه السلام) غير كافية لتحصيل ولاية الحكم كان لمعاوية تمام الحقّ بعد عدم إيمانه بفكرة العصمة في رفض البيعة، بحجّة أنّ ولاية الحكم لم تتحقّق بعدُ لعليّ(عليه السلام) ولا داعي لمعاوية في الاشتراك في تحقيق ذلك. وهذا بخلاف ما لو فرضنا البيعة على أساس فكرة أخذ الميثاق بعد ثبوت الحقّ مسبقاً، فيكون هدف علي(عليه السلام) من مطالبة معاوية بالبيعة أخذ الميثاق على الطاعة منه كتأكّد من أمر خارجي وهو دخوله في صفّ المناصرين لعليّ(عليه السلام)، لا كتحقيق لموضوع الحكم التشريعي بثبوت ولاية الحكم. أفلا يكفي كلّ هذا شاهداً على أنّه لا يمكن تفسير كلّ هذه النصوص _ إن صحّت _ إلّا على أساس الاحتجاج وأخذ الخصم بمبدأ يؤمن به، وهو فكرة مغلوطة عن البيعة غير قابلة للقبول في رأي المتكلّم نفسه؟

وكذلك الحسن(عليه السلام) بعد أن تمّت له البيعة من قبل أهل الكوفة استمرّ في الحرب


(1) نهج البلاغة، ص368.

(2) المصدر السابق، ص464.