المولفات

المؤلفات > دراسات فقهية

177

والظهور قد يستعمل في مورد الغلبة كما في قوله تعالى: ﴿إِن يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ﴾(1)، ولو بنكتة أنّ الغلبة نوع بروز، فكأنّ الرواية تقول: إنّ الزمانة إن كانت غالبة وقاهرة لها ودلّست، كان للرجل خيار الفسخ، أمّا إن كانت مختصرة أو مرضاً اعتيادياً يقبل العلاج في وقت يسير فلا يعتبر عدم إبرازه أو السكوت عنه تدليساً، ولا خيار له في ذلك.

وعمدة الإشكال الوارد على التمسّك بهذه الروايات لإثبات أصالة حقّ الفسخ في كلّ عيب، أنّ هذه الروايات إنّما وردت في التدليس، ودعوى كون مجرّد الكتمان أو عدم إبراز العيب وعدم الإخبار به تدليساً أوّل الكلام، فإنّ كتمان العيب يمكن تقسيمه إلى عدّة مستويات:

الأوّل: الإخبار الكاذب بعدمه، وهذا تدليس بلا إشكال.

والثاني: كتمان العيب الظاهر، كلبس نظّارة أو عين مستعارة لإخفاء العمى، أو لبس باروكة لإخفاء عيب الرأس، ونحو ذلك، وهذا أيضاً لا إشكال في كونه تدليساً.

والثالث: عدم إبراز العيب الخفي كما لو لم يخبر أو لم تخبر بما لديه أو لديها من مرض البواسير مثلاً. والظاهر صدق التدليس في ذلك في كلّ عيب كان في نظر العقلاء منفيّاً بأصالة السلامة.

والرابع: السكوت عن عيب ظاهر من دون إخفائه، وإنّما خفي على الطرف المقابل لتقصيره في الفحص، ومن الواضح أنّه لا يصدق هنا التدليس.

والخامس: العيب الخفيّ عن كلا الطرفين، كما لو سكت أو سكتت عن العقم أو عن مرض روحيّ مثلاً ولم يكن صاحب العيب الساكت مطّلعاً عليه، ثم ظهر ذلك بعد تمامية العقد، ومن الواضح عدم صدق التدليس هنا.

وعلى أيّ حال فالروايات التي مضت أكثرها لم تكن مشتملة على الإطلاق

 


(1) التوبة: ۸؛ الكهف: ۲٠.