المولفات

المؤلفات > دراسات فقهية

116

ومن الغريب جوابه على ذلك: بأنّ كلّاً من الذبح والإطعام واجب كوجوب الوضوء والطواف، إلّا أنّ الأوّل منهما مقدّمة للثاني؛ فالذبح مقدّمة للإطعام والوضوء مقدّمة للطواف، وكما أنّه حينما يسقط الطواف يسقط الوضوء، كذلك حينما يسقط الإطعام يسقط الذبح.

وقد فاته أنّ مقدّمية الوضوء للطواف شرعية، في حين أنّ مقدّمية الذبح للإطعام عقلية، ففي الطواف لا يمكن تبديل الوضوء بشيء آخر، لكن الذبح _ بعد اعتبار مقدّميته فرضاً بحتاً _ يمكن تبديله بشراء اللحم من اللحّام، فلعلّه في زمان النصّ لم يكن اللحامون قادرين على تلبية حاجات تمام الحجاج من اللحم بقدر الذبائح، فكانت الطريقة المعقولة أن يهيّئ كلّ حاجّ حيواناً للذبح، أمّا اليوم فبالإمكان تحصيل الهدف بشراء اللحوم من اللحامين.

وأيضاً لو كان الذبح مقدّمة للإطعام بلا ملاك نفسي فيه، فلماذا يذبح في منى لدى القدرة؟! وأيّ عيب في الذبح قبل منى أو قبل مكّة وتأجيل الإطعام به إلى منى؟!

فكلّ هذا يعني أنّ هناك ملاكاً نفسياً في الذبح، وبعد فرض ثبوت الملاك النفسي في الذبح لا أدري ما هو الذي يُثبت لنا وحدة المطلوب؟! إلّا بمعنى وحدة المطلوب بلحاظ كلّ أعمال الحجّ التي هي مركّب واحد ارتباطي.

ولو نظرنا إلى هذا الجانب لكان معناه سقوط أصل الحجّ، ولو قطعنا النظر عن ذلك فالأصل لدى تعدّد الأمر هو الانحلال؛ لأنّ الارتباط هو القيد الزائد والمؤونة الزائدة في الكلام.

وأمّا استشهاده لمقوّمية الإطعام للهدي بخلاف قيد منى برواية: «إنّما جعل الله هذا الأضحى لتشبع مساكينكم من اللحوم»(1)، فقد اعترض هو على نفسه في

 


(1) وسائل الشيعة، ج14، ص167، الباب4 من أبواب الذبح، ح11.