المولفات

المؤلفات > دراسات فقهية

108

وأيضاً قد يستدل على وجوب تأخير الحلق عن الذبح بصحيحة جميل بن درّاج(1)عن أبي عبدالله(علیه السلام)«إنّ رسول الله(صلى الله عليه و آله) أتاه أُناس يوم النحر، فقال بعضهم: يا رسول الله، إنّي حلقت قبل أن أذبح، وقال بعضهم: حلقت قبل أن أرمي، فلم يتركوا شيئاً كان ينبغي لهم أن يقدّموه إلّا أخّروه، ولا شيئاً كان ينبغي أن يؤخّروه إلّا قدّموه، فقال: لا حرج»(2). وهذا أيضاً _ كما ترى _ ليس له إطلاق لمحلّ البحث؛ فإنّه لم يكن في ذاته بصدد بيان الترتيب.

وعلى أيّة حال، فقد اتضح لنا من كلّ هذا البحث: أنّه لو أمكننا الذبح في وادي محسّر في اليوم الأوّل لم نحتج إلى سلوك هذا الطريق الطويل في الحديث، بل نقول: نفس العجز عن الذبح في منى في اليوم الأوّل يسوّغ لنا الذبح في نفس اليوم في وادي محسّر؛ بدليل موثقة سماعة(3)، ولو لم يمكن ذلك ولكن أمكننا الذبح في مكّة وما حواليها إلى مقدار نحتمل دخوله في عنوان «محله إلى البيت العتيق» بمعناه الواسع جاز لنا الذبح في مكّة وما حواليها في نفس اليوم الأوّل؛ بدليل صحيح معاوية بن عمّار الوارد بشأن الناسي.

أمّا لو لم يمكن هذا ولا ذاك، فعندئذٍ تصل النوبة إلى جواز التحلّل بالحلق في نفس اليوم الأوّل بالبيان الذي شرحناه في تفسير علاج السيد الخوئي(رحمه الله) للموقف في المقام.

وأمّا الذبح فنؤجله إلى يوم الإمكان من أيّام التشريق، والأحوط اختيار اليومين الأوّلين منه إن أمكن، وإذا انتهت أيّام التشريق فإلى آخر ذي الحجة. ولا يبعد اختصاص لزوم التقيّد بأيّام التشريق بخصوص فرض الذبح في منى، أمّا لو علمنا

 


(1) المعتمد، كتاب الحجّ، ج5، ص212 _ 213 و306 _ 307.

(2) وسائل الشيعة، ج14، ص 155، الباب 39 من أبواب الذبح، ح4.

(3) المصدر السابق، ج13، ص535، الباب 11 من أبواب إحرام الحجّ والوقوف بعرفة، ح4.