المولفات

المؤلفات > دراسات فقهية

103

ويؤيّد التفسير الذي اخترناه للآية المباركة التفسير الوارد عن أهل البيت(علیهم السلام)، وإنّما جعلنا ذلك مؤيداً لا دليلاً لما فيه من الضعف السندي.

ففي رواية الكليني(رحمه الله)(1) عن أبي الصباح الكناني عن أبي عبدالله(علیه السلام)، وكذلك رواية الصدوق(رحمه الله)(2) عن أبي بصير عن أبي عبدالله(علیه السلام)«في قول الله(وجل عز): ﴿لَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى﴾ قال: إن احتاج إلى ظهرها ركبها من غير أن يعنف عليها، وإن كان لها لبن حلبها حلاباً لا ينهكها».

وقد يستغرب فرض كون الضمير راجعاً إلى الهدي؛ لأنّ معنى الآية عندئذٍ سيكون: محلّ الهدي هو البيت العتيق، في حين أنّ محلّ الهدي في الحجّ هو منى، وتفسير كون محلّها البيت العتيق بمعنى قرب البيت العتيق الشامل لمنى، يفترض أنّه غريب.

ولعلّه يكفي لكسر الغرابة ذكر شبيه لذلك من الفقه، وهو أنّ الله(وجل عز) قال في كتابه: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمَّداً فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْياً بَالِغَ الْكَعْبَةِ...﴾(3) فلئن شككنا في تفسير محلها البيت العتيق، هل يقصد به أنّ محلّ هدي الحجّ إلى البيت العتيق أو يقصد محلّ مطلق الشعائر أو أعمال الحجّ إلى البيت العتيق، فلا شك في قوله(وجل عز): ﴿هَدْياً بَالِغَ الْكَعْبَةِ﴾ أنّ المقصود كفّارة الصيد وأنّ محلها الكعبة، مع أنّه لا إشكال نصّاً(4)وفتوىً في أنّ محلّ ذبح الكفّارة للصيد في إحرام الحجّ هو منى. نعم محلّ ذبحها للصيد في إحرام العمرة هو مكّة.

 


(1) الكافي، ج9، ص108، باب الهدي ينتج أو يحلب أو يركب من كتاب الحج، ح1.

(2) من لا يحضره الفقيه، ج2، ص504، باب نتاج البدنة وحلابها وركوبها من كتاب الحج، ح4. النص بكلا سندي الكليني والصدوق(رحمهما الله) موجود في وسائل الشيعة، ج4، ص117، الباب34 من أبواب الذبح، ح5.

(3) المائدة: 95.

(4) وسائل الشيعة، ج13، ص95 _ 96، الباب 49 من أبواب كفارات الصيد، ح1، 2، 3، 4.