المولفات

المؤلفات > دراسات فقهية

102

أقول: ينبغي أن يحمل تفسير ﴿شَعَائِرِ اللّٰهِ﴾ بمعالم الحجّ أو الهدايا على معنى أنّ المصداق الذي قصد بالخصوص في الآية من باب تطبيق المطلق على مصداقه هو ذلك من دون أن يضرّ بإطلاق ﴿شَعَائِرِ اللّٰهِ﴾ وإلّا فتفسير المطلق بالمورد بمعنى استعماله في خصوص ذاك المصداق، خلاف الظاهر.

فإن قلنا: إنّ المصداق الملحوظ من ﴿شَعَائِرِ اللّٰهِ﴾ في الآية كمورد _ رغم الاعتراف بالإطلاق _ هو الهدايا التي هي من معالم الحجّ وإنّ الضمير راجع إلى هذا المصداق، فمعنى الآية _ والله العالم _ هو: ﴿لَكُمْ فِيهَا﴾ أي: في الهدايا ﴿مَنَافِعُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى﴾ أي: حين الذبح ﴿ُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ﴾ أي: منتهى أمرها هو الكعبة. وهذا هو التفسير الذي استظهرناه، وبه يثبت المطلوب.

ولكن في مقابل ذلك يوجد تفسيران آخران(1):

الأوّل: أنّ الضمير راجع إلى مطلق شعائر الله، فيكون معنى الآية: لكم في الشعائر الإسلامية عموماً منافع إلى أجل مسمّى؛ أي: نهاية الدنيا أو إلى الموت، وتلك الشعائر تنتهي إلى الله سبحانه الخالق للبيت العتيق. ولا أظنّ التمحّل في هذا التفسير خافياً عليك.

والثاني: أنّ الضمير راجع إلى مصداق من مصاديق شعائر الله، كما هو كذلك في التفسير المختار، إلّا أنّه يفترض أنّ المصداق هنا ليس هو خصوص الهدايا كما فسّرنا، بل مطلق فرائض الحجّ ونسكه، ويكون المعنى: لكم في فرائض الحجّ ونسكه منافع إلى أجل مسمّى وهو نهاية الحجّ أو نهاية الدنيا، ومحلّ تلك الأعمال إلى البيت العتيق؛ أي: أنّ نهايتها تقع في البيت العتيق.

وهذا التفسير وإن كان أهون تمحّلاً من التفسير الأوّل لكنّه أيضاً لا يخلو من تمحّل.

 


(1) نفسير نمونه، ج14، ص100.