المولفات

المؤلفات > أحكام المقبوض بالعقد الفاسد القسم الثاني

19

وأمّا قوله (رحمه الله): «لا إشكال في أنّ ردّ الزائد عن المثل غير واجب على الضامن؛ لأنّه ضامن للمثل، ولا ربط لنقصان القيمة في السوق به»(1) فيرد عليه: أنّ نقصان القيمة السوقيّة إن كان بمثل انتشار السلعة في السوق فصحيح أنّ ذلك في باب القرض لا يوجب الضمان وفق القاعدة ما دام تأخير أداء القرض كان جائزاً ولم يكن بحكم الغصب؛ لأنّ الارتكاز العقلائيّ لا يقضي بضمان الخسارة التجاريّة، وإلا لكان استيراد التاجر لمتاع الموجب لخسارة التاجر السابق تجاريّاً موجباً لضمان التاجر الثاني للتاجر الأوّل، وهذا ما لا يقبله الارتكاز. ولكن حينما يكون بنقص القيمة الاستهلاكيّة كما في مثال الثلج بعد برد الجوّ أو مثال الدرهم بعد تبديل السلطان إيّاه فنفس الارتكاز العقلائيّ يقضي بالضمان، فسوق القسمين من النقص السوقي مساقاً واحداً ليس في محلّه.

ثمّ إنّ أصل الدليل الذي اختاره السيّد الخوئيّ (رحمه الله) في التنقيح من السيرة العقلائيّة أو الارتكاز العقلائيّ الحاكم بأنّ من أتلف شيئاً من أموال غيره لزم عليه أداء المثل يجري في القيميّات أيضاً، وقد اعترف هو بذلك في التنقيح فيما إذا كان مثل التالف في القيميّ موجوداً صدفة أو كان في ذمّة المالك مثله للضامن، فقال (رحمه الله): «لا ريب في أنّ القيميّ إذا تلف وكان مثله موجوداً لزم أداء المثل دون القيمة، وأمّا ما ورد من أداء القيمة في بعض النصوص فهو محمول على صورة تعذر المثل... ـ إلى أن قال: ـ وأمّا الإجماع المدّعی في المقام على ضمان القيميّ بالقيمة فلا إطلاق له يشمل صورة تيسّر المثل، وكذا لو كان التالف في يد المشتري هو القيميّ وكان في ذمّة المالك أيضاً مثله فلا تصل النوبة إلى القيمة أيضاً، بل لا بدّ من التهاتر القهري، كما لو كان لكلّ منهما على ذمّة الآخر ذرع من الكرباس...»(2).


(1) الخوئي، أبو القاسم، موسوعة الإمام الخوئيّ. التنقيح. 36: 265.
(2) المصدر السابق: 272.