وأمّا الرواية من حيث السند فإنّ في الراوي عن أبي خديجة وهو أبو الجهم بحثاً (1).
المحور الرابع: في وظيفة غير الأعلم
وقد بحثنا ذلك مفصّلاً في كتاب مباحث الاُصول الجزء الأول من القسم الثاني عن الشهيد الصدر. مع بعض التعليقات عليه، فنرجّح هنا إحالة الأمر إلى هناك (2) والاقتصار هنا على ذكر نكتتين:
النكتة الاُولى: إنّه لو كانت مخالفة الأعلم لغير الأعلم أوجبت فقد ركون غير الأعلم إلى رأيه وامتناعه عن العمل بفتوى نفسه فهذا لا يعني بالضرورة جواز تقليده للأعلم؛ فإنّه في غير ما لو فرض الفرق بينهما عظيماً جداً لا يعتبر رجوعه إلى الأعلم من رجوع غير أهل الخبرة إلى أهل الخبرة بالنحو المسموح به في الارتكاز أو المشمول للإطلاقات، فعندئذٍ لابدّ له من الاحتياط أو التباحث مع العالم كي يتبيّن له الحال.
النكتة الثانية: إنّ الشبهة في إتكاء غير الأعلم على فتوى نفسه لها تقريبان:
التقريب الأول: أنّ غير الأعلم لا يستطيع أن يثق بصحة ما وصل إليه من حكم واقعي أو ظاهري أو وظيفة عملية مادام يحتمل أنّه إن تباحث مع الأعلم عدله عن رأيه.
وهذا ما يرد عليه أكثر النقوض المذكورة في كتابنا. مباحث الاُصول. مع حلّ حاصله: أنّ تعديل الأعلم لغير الأعلم عن رأيه فيما يتصور فيه التفاضل لا يكون إلا بتبديل موضوع الحجية له بإبراز أمر أو نكتة له لم يكن واصلاً إليه في فحصه، فلا يبقى مجال عندئذٍ لهذا الإشكال إلا بإرجاعه إلى التقريب الثاني.
التقريب الثاني: هو أنّ العمل بالحجية اللفظية أو العملية أو الأمن العقلي متوقّف على الفحص، ومن الفحص الرجوع إلى الأعلم بالتباحث معه إذا احتمل أنّه سيعدله عن رأيه، فيجب عليه ذلك، بل إذا احتمل الأعلم أيضاً تبدّل رأيه صدفة لو تباحث مع غير الأعلم وجب عليه ذلك؛ لأنّه نوع من الفحص.
وحاصل الجواب ـ الذي يستفاد ممّا أسلفناه في كتاب مباحث الاُصول ـ هو: أنّ أدلّة الفحص لم توجب الفحص إلا بمقدار فحص ذي الخبرة عن مصادر الأحكام من الكتاب والسنّة بالنحو المتعارف من الفحص، وليس من ذلك التباحث مع الأعلم.