خيار الفسخ فيما لو كان القرن قابلاً للعلاج واستعدّت المرأة له
بسم الله الرحمن الرحيم
لاإشكال في أنّ القرن يوجب الخيار للزوج، ولكن الكلام يقع أوّلاً: في أنّ القرن لو كان قابلاً للعلاج واستعدّت المرأة للعلاج فهل يكون للزوج أيضاً الخيار؛ لأنّ موضوع الخيار كان هو القرن، وكان الموضوع فعليّاً فيتبعه الحكم، أو لايكون له الخيار؛ لأنّ الخيار كان علاجاً للمشكل، ولا مشكل في المقام مع استعداد المرأة للعلاج؟
وثانياً: لو أصررنا في الفرع السابق على ثبوت الخيار لفعليّة الموضوع ـ وهو القرن ـ لو لم يفسخ. لجهل بالموضوع أو لعدم الإيمان بفوريّة الخيار؛ لأنّ صحيحة عبدالرحمن(1) جعلت أمد الخيار عنوان (ما لم يقع عليها) وهو قد أجّل الوقوع عليها بانتظار العلاج، فاستمرّ الخيار إلى أن تمّ العلاج، فهل يبقى الخيار بعد تماميّة العلاج لتماميّة الموضوع حين حدوثه ولم يرد دليل على أنّ العلاج أحد مسقطات الخيار، أو ينتهي الخيار بانتهاء موضوعه وهو القرن؟
أمّا المسألة الاُولى: فغاية ما يمكن أن يذكر لثبوت الخيار هو دعوى: أنّ موضوع الخيار جعل هو القرن، والموضوع ثابت، فيثبت الحكم.
إلّا أنّ الظاهر إمكانيّة التفصيل بين ما إذا كان الصبر إلى تماميّة العلاج يوجب ضرراً عرفيّاً على الزوج لطول الزمان مثلاً، أو لايوجب ذلك لقصر الزمان، ففي الأوّل يمكن القول بثبوت الخيار لفعليّة الموضوع، أمّا في الثاني فثبوت الخيار مشكل سواء كان مدرك الخيار قاعدة نفي الضرر أو كان المدرك روايات الخيار الواردة في الوسائل (المجلّد 21 بحسب طبعة آل البيت، الباب الأوّل من العيوب والتدليس)، فإن كان المدرك قاعدة نفي الضرر فقد فرضنا في المقام عدم الضرر عرفاً، وإن كان المدرك تلك الروايات فهي أيضاً منصرفة بمناسبات الحكم والموضوع إلى كون الخيار لعلّة نفي الضرر المتوجّه إلى الزوج وتخلّف داعيه من الزواج، خصوصاً مع التعليل الوارد في بعضها(2) بأنّ هذه لاتحبل وينقبض زوجها من مجامعتها، فإن لم تكن هذه الاُمور ثابتة لسرعة زمان العلاج لم يثبت الحكم.
وأمّا المسألة الثانية ـ وهي أنّه بعد زوال الموضوع بالعلاج يبقى الخيار ثابتاً للزوج أو ينتهي بانتهاء موضوعه؟ ـ:فالظاهر هو زوال الخيار بانتهاء موضوعه؛ لأنّ ما حكم بجواز ردّ نكاحه هي القرناء، وهذه ليست قرناء، فلا يمكن التمسّك بإطلاق دليل الردّ؛ لانتفاء قيد الموضوع وهو عيب القرن، ولا يمكن التمسّك باستصحاب بقاء الخيار؛ لأنّ هذا القيد يعتبر عرفاً ركناً في الموضوع، فالمردود إنّما هي القرناء بما هي قرناء، فمع زوال القرن قد تبدّل الموضوع، فلا مجال للاستصحاب.
وقد ذكر الشيخ الأعظم(رحمه الله) في المكاسب في بحث خيار العيب: أنّه لو زال العيب قبل الردّ فهل يسقط الخيار، أو لا؟
واستظهر(رحمه الله) التفصيل بين الردّ وأخذ الأرش ببيان: أنّ الردّ موضوعه المعيب، في حين أنّ العين بعد زوال عيبها ليست معيبة، أمّا الأرش فلم يسقط؛ لأنّ زوال العين كمال حصل في ملك المشتري كأيّ كمال آخر قد يحصل في العين بعد شرائها، أمّا المعاوضة فقد تمّت بين الثمن والمبيع حين البيع، وكان جزء من الثمن في قوّة أن يكون في مقابل الصحّة ولكن البائع لم يسلّمه وصف الصحّة، فعليه أن يرجع للمشتري مقدار ما قابل وصف الصحّة، فإنّ الصحّة الطارئة كمال وهبه الله تعالى للمشتري في ملكه لاعلاقة له بالبائع وقد سلّم البائع العين ناقصة في وقت البيع، فعليه الأرش.